الخميس، 23 مايو 2013

المحاضرة 3+4


التحليل السيميولوجي  للنص الصحفي – تطبيق –
المحاضرة (3) + (04):
لا شك أن الخطاب الصحفي يسعى إلى خلق علاقة مع القارئ ، ويرمي إلى رسم صورة للأحداث والشخصيات والواقع ، لذلك فهو خطاب موجه ومخطط ومدروس ، مشبع بالأيديولوجيا ، فبدءا باختيار اسم الصحيفة وشعارها وشكلها ، مرورا بعملية اختيار الأخبار الصالحة للنشر ، وإقصاء الأخبار غير الصالحة تبعا لوجهات نظر القائمين عليها ،وأساليب وإجراءات تصنيفها وترتيبها ، وقوفا عند اختيار العناوين والمضامين النصية وطريقة عرضها وإخراجها على صفحات الجرائد ، واختيار الكلمات والعبارات والأوصاف المستخدمة ، واختيار الصور والألوان وأنماط الخط .. وغيرها ، كل ذلك يحمل دلالات وأبعادا يمكن الكشف عنها بالقراءة السيميولوجية.
أسماء الصحف والمجلات :
v    إن الاسم دال على الهوية والشخصية  في المقام الأول ، إذ تسعى كل صحيفة أو مجلة  إلى عكس هويتها من خلال اسمها ، فكما أن أسماء الأشخاص تدل على هوياتهم كذلك أسماء الصحف .
v    الاسم كذلك يرسم الصورة الذهنية للجريدة ، وهو أيقون الجريدة أو الصحيفة أي بينهما علاقة مشابهة ؛ حيث يصبح " رسم الاسم" من حيث الخط والشكل واللون وغير ذلك يشير مباشرة للجريدة أو الصحيفة المقصودة كأنه صورة طبق الأصل لها ، مثل المشابهة بين الشخص وصورته المرسومة أو الفوتوغرافية.      أنظر إلى الصورتين الآتيتين :

الصورة 01                                                                                         الصورة02           
                               
 هذان نموذجان لصحيفتين تحملان نفس الاسم " البلاد" لكن كل اسم كتب بطريقة مختلفة وتقنيات مغايرة ، مما يجعل كل اسم هو أيقون يشير إلى هوية وشخصية صحيفة  معينة .، فالصورة 01 تشير إلى صحيفة البلاد الجزائرية ، أما الصورة 02 تشير إلى صحيفة سعودية.
v    للأسماء دلالات كثيرة ، وتسعى الصحف من خلال أسمائها إلى الارتباط بعلامات ومعاني جميلة ودالة ، عادة تكون الأسماء في كلمة أو كلمتين ليسهل حفظها ، فالاسم هو علامة المرور إلى قلب المتلقي وعقله ، إسم الشروق  مثلا يشير إلى معاني الشمس والنور والحقيقة والسطوع ،واسم النهار يشير إلى معاني الوضوح والجلاء ، واسم الخبر يشير إلى الجديد والحدث والحيادية ، وكذلك اسم : النصر ، الفجر ، الحوار ...إلخ  وقد تدل الأسماء على الانتماء الوطني أو الجغرافي أو السياسي أو الأيديولوجي مثل : الأهرام ، الخليج ، أو يشير إلى خصائص المخاطب من حيث السن أو الجنس ، أو المهنة : العربي الصغير ، سيدتي ، المهندس أو تدل على التخصص والمجال : الهداف ( رياضية) ، السهم ( اقتصادية).
v    والاسم علامة لغوية وكذلك بصرية حيث لنوع الخط المكتوب به وشكل الحروف والرسومات أو الأشكال المضافة  والألوان المستخدمة دلالات ومعاني محددة. ( أنظر: الصور(03 ، 04).

الصورة 03:  أسماء صحف وطنية                                      الصورة 04: أسماء صحف عربية
 
      

الشعارات المكتوبة :
 تتخذ الكثير من الصحف شعارات نصية ترافق اسمها غالبا : مثل شعار جريدة الشروق : رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأيكم خطأ يحتمل الصواب ، وجريدة الخبر : الصدق والمصداقية ، وتعمل هذه الشعارات على رسم هوية معينة أو صورة للصحيفة ، عادة ما تعمل على ترسيخ معاني الثقة والمصداقية والديمقراطية وغيرها من المعاني الإنسانية والقيم النبيلة والتي ينشدها كل فرد. ( أنظر الصور(05،06).
الصورة 05: شعار صحيفة الخبر                                           الصورة 06 : شعار صحيفة الشروق













ترتيب الصفحة :
إن الصفحة عبارة عن مساحة ورقية محدودة ، وذلك يعني أنه من المستحيل أن تتسع لكل الأحداث والأخبار إذن فلا بد من عملية انتقاء واختيار ، إن الصحيفة من خلال الاهتمام بأخبار معينة وإهمال أخرى  وإبراز أحداث محددة وطمس أخرى تعمل على رسم صورة محددة للواقع ، فالأخبار التي تنشرها ترسم تصورا معينا لما حدث , ولما سيحدث ، وهي عبارة عن بناءات اجتماعية محددة للسلوك وراسمة للتصورات ومرسخة للمعتقدات ، حيث تقود المتلقي إلى تقديم تفسيرات للأحداث الماضية والحاضرة ؛ وبناء توقعات للمستقبل ؛ وتبني مواقف محددة ؛ واستخلاص نتائج معينة، لأن طريقة تصميم وإخراج الصفحات داخل الجريدة أو المجلة سواء الصفحات الأولى أو الداخلية ، من عرض العناوين والنصوص و ترتيبها ، واختيار مكان نشرها  من الجريدة والزاوية  التي تخصص لها من الصفحة  والمساحة التي تشغلها وعلاقتها بعضها ببعض وكذا علاقاتها بالصور المرفقة بها ،  وحجم ولون الخط  وغيرها ، كل ذلك إنما يتم بشكل مدروس وموجه  هو عملية إنتاج للمعنى لتحقيق هدف معين . فالصفحة عبارة عن رسالة بصرية ولفظية ، تخاطب المتلقي من خلال الكلمات والصور والألوان والرموز وغيرها . ( انظر الصورة  07) :
      
الصورة 07 :

إن المتلقي يفهم مباشرة من خلال النظرة الأولى أن الخبر الذي يحتل أكبر مساحة من الصفحة هو الخبر المركزي ، كذلك العنوان المكتوب بالخط البارز واللون الملفت هو العنوان المهم .
عادة ما يكون الخبر الرئيسي في وسط الصفحة ، ويأخد مساحة كبيرة مع الصورة المرفقة به ، قد تصل إلى كامل الصفحة ، أو نصفها ، واختيار وسط الصفحة لأن العين أول ما تراه من الشيئ  هو المركز .
في الصورة 07: الخبر الأساسي هو : مستقبل الجزائر... في الصندوق  ، هذا العنوان تكمله وتؤكده الصورة المرفقة به ، ويزيد من شرحه العنوان التمهيدي فوقه ، ونلاحظ أن العنوان الرئيسي يدفع المتلقي إلى اتخاذ قرار المشاركة في الانتخابات ،  وكأنه الخيار الوحيد والمصيري لتحديد مستقبل الجزائر ، وهنا نتساءل :  لماذا المستقبل في الصندوق ؟ ويكون الجواب في العنوان 02 :لأن هناك تهديدا إرهابيا ومشاكل سياسية تتمثل في اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين في مالي ، إذن هذا التهديد يجعلنا نختار الحل السلمي والديمقراطي المتمثل في الصندوق ، وصورة قادة الأحزاب ووضعياتهم  وتعبيرات وجوههم الحماسية ، تزيد من دفع المتلقي للانتخاب ، كذلك استخدام صورة الفنانة وردة التي تعتبر كرمز وشخصية محبوبة وكتابة كلمات أغنيتها : مازال واقفين ، لم يأتي عبطا وإنما للدلالة والإشارة على قوة الجزائر وصمودها رغم التهديدات والأخطار المحيطة بها .
إذن كل عناصر الصفحة تتكامل لتجعل المتلقي يبني تصورا محددا ويتخذ موقفا وسلوكا معينا.

سيميولوجيا العتبات النصية :
         لكل بناء مدخل، ولكل مدخل عتبة، ولكل عتبة هيئة، ولأن العتبات همسات البداية.. "فقد اهتمت السيميائية الحديثة بدراسة الإطار الذي يحيط بالنص، كالعنوان، والإهداء، والرسومات التوضيحية، وافتتاحيات الفصول وغير ذلك من النصوص التي أُطلق عليها (النصوص الموازية )
         حيث تعمل هذه النصوص الموازية على إبراز جمالية النص وخصائصه أو أهمية الموضوع أو تبرز شخصية المرسل وخطه السياسي أو الفكري سواء كان فردا أو مؤسسة
         كما تعمل على شد المتلقي إلى النص وتشويقه للقراءة.
         العنوان : يقال أن العنوان هو أقصر ملخص للنص ، فالعنوان يحمل دلالات كثيرة لذلك يحرص الكثيرين على اختيار العنوان المناسب للأخبار والمقالات ومختلف الأنواع الصحفية .
         وتتنوع العناوين ما بين العناوين الرئيسية ، وأخرى ثانوية تعرف من خلال : اللون ، الحجم ، والمكان ، حيث لها مدلولات سيميولوجية .
         وللعنوان وظائف أربعة كما يقول ”جنيت ” :
         الوظيفة التعيينية – الوظيفة الوصفية – الوظيفة الدلالية – والوظيفة الإغرائية.   أنظر الصور(09،08):

          الصورة 08 :                                                               الصورة 09:
 
        






نلاحظ  في الصورة 08 أن العنوان التمهيدي جاء بصيغة مبهمة تشد القارئ وتجعله يتساءل : أي مؤامرة ، وكيف انكشفت؟ هذه الصيغة المبهمة جاءت متناسبة مع حجم الخط " الصغير".
         العنوان الرئيسي فيه حماس وتأكيد جازم لنجاح عملية كشف المؤامرة بفعل ”القبض“ الذي يشير إلى القوة والتمكن والسيطرة على الأمر ، ولتصوير حجم وخطورة المؤامرة  جاءت الجملة ”جواسيس من جنسيات مختلفة ” ، ولإبراز العنوان جاء استخدام الخط الكبير  واللون الأحمر الذي يرمز للخطورة ويلفت الانتباه.
         الصورة 09: يظهر العنوان يخاطب العواطف بكلمة ” أب ” التي توحي بالتضحية والتفاني والعطاء . ثم يأتي توضيح نوع الأبوة المقصودة : فهل المقصود أب عادي؟ ، لا  إنه ”أب“ “التعددية“ الدالة على الديمقراطية ، فالرجل  إلى جانب تضحياته وعطائه لشعبه كرس العدل والمساواة بينهم، فهو أب للمبادئ وليس للأشخاص.
         إن استخدام نقاط بعد كلمة التعددية (..) يشير إلى وجود أشياء أخرى أو خصال أخرى تحلى بها الرجل ، فهو ليس أب للتعددية فقط بل لمبادئ أخرى كذلك.
         ثم يأتي التوضيح ” في ذمة الله“ الذي يخاطب المشاعر الدينية ، فلم يستخدم لفظ ” مات“ أو ” توفي“ لأنها ألفاظ جافة ، بينما ” في ذمة الله“ تستوجب الترحم وطلب المغفرة للفقيد.
          إن كتابة العنوان بالخط الكبير دلالة على أهمية الخبر واستخدام اللون الأبيض دلالة سيميولوجية ترتبط بالأبعاد الثقافية والدينية ، فالأبيض يشير إلى النقاء وطهارة الظاهر والباطن ، ويرمز للجنة ،  واستخدام خلفية سوداء إشارة إلى الحزن والموت.
تقطيع النص الصحفي :
إن النصوص والخطابات الإعلامية  تتميز عن غيرها من النصوص بأشكال وقوالب محددة تسمى" الأنواع الصحفية" ولابد من مراعاة خصائص كل نوع في عملية التحليل السيميولوجي ، وآلية التقطيع  والمعيار المعتمد، وفي الصورة10  مثال عن تقطيع النص الصحفي وفق المعيار البصري.
تحديد وتتبع أنساق النص :
أولا: وصف النص :  اسم الناشر ( اسم الصحفي – المؤسسة ) ،تاريخ  ومكان النشر ، سمات النشر ( يومي – اسبوعي – وطني – محلي - وذلك بذكر نوعه ( خبر- مقال- تعليق- تحقيق - ..) ، نمطه ( سياسي- اجتماعي – اقتصادي – رياضي ..)  .
ثانيا : موضوع النص
ثالثا : وحدات ومقاطع النص ( تحديد كل وحدة ثم ربط العلاقات بين مختلف الوحدات)
رابعا : الأنساق الاجتماعية والثقافية المكونة للنص ( التناص).
خامسا: العلامات  والعناصر الدالة في النص :  الألفاظ - الأشخاص – الأماكن -  الأحداث ...إلخ 
تطبيق : أنظر للصورة الآتية















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق